فصل: فصل في الصدقة والهبة وما يتعلق بهما:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في الصدقة والهبة وما يتعلق بهما:

وحكمهما لذاتهما الندب. وعرف ابن عرفة العطية التي الهبة والصدقة من أنواعها بقوله: تمليك متمول بغير عوض إنشاء، فخرج بقوله متمول منفعة كان أو رقبة تمليك الإنكاح كأن يقول: ملكتك تزوج ابنتي من زيد أو ممن أحببت، أو تقول المرأة ذلك لوليها، ويخرج به أيضاً تمليك الطلاق للزوجة أو لغيرها إذ الكل ليس بمتمول، وخرج بغير عوض البيع ونحوه من المعاوضات، وخرج بقوله إنشاء الحكم باستحقاق وارث إرثه لأنه لا إنشاء فيه، وإنما هو تقرير لما ثبت وقيل: إن هذا خارج بتمليك لأن الإرث لا تمليك فيه من الموروث فلا حاجة لقوله إنشاء ويدخل فيها الهبة والصدقة والحبس والنحلة والعرية وهي هبة الثمرة، والمنحة وهي هبة لبن الشاة، والهدية وهي معروفة، والإسكان وهو هبة منافع الدار مدة من الزمان كنسة، والعمرى وهي تمليك المنفعة مدة عمره، والعارية وهي تمليك منافع الدابة ونحوها بغير عوض، فإن كان بعوض فهو إجارة، والإرفاق وهو إعطاء منافع العقار كما يأتي، والعدة وهي إخبار عن إنشاء المخبر معروفاً في المستقبل والوفاء بها مطلوب غير لازم، والإخدام إعطاء منفعة خادم غلاماً كان أو جارية، والصلة وهي معروفة بين الأقارب، والحباء بالكسر والمد العطاء الذي يعطيه الزوج لولي الزوجة عند العقد أو قبله، فهذه كلها من أنواع العطية وكلها تفتقر لحيازة ما عدا النحلة كما مرّ في قوله: ونحلة ليس لها افتقار إلى حيازة إلخ... ثم قال ابن عرفة: والهبة لا لثواب تمليك ذي منفعة لوجه المعطى بغير عوض، والصدقة كذلك لوجه الله تعالى بدل لوجه المعطى فخرج بقوله: ذي منفعة العارية ونحوها ولوجه المعطى خرج به الصدقة لأنها لوجه الله تعالى، وبقوله: لا لثواب هبة الثواب. وأحكام الهبة والصدقة سواء إلا في وجهين. أحدهما أن الهبة تعتصر دون الصدقة كما يأتي، والثاني أن الهبة يجوز للواهب شراؤها وقبولها بهبة بخلاف الصدقة فإنه يكره فيها ذلك.
صَدَقَةٌ تَجوزُ إلا مَعْ مَرضْ ** مَوْتٍ وبالدَّينِ المُحِيطِ تُعْتَرَضْ

(صدقة) وتقدم تعريفها (تجوز) أي تصح وتلزم بالقول، أو يقال المراد بالجواز الإذن الشامل للندب إذ هي مندوب إليها كما مر، وظاهره وإن كان المتصدق به مجهولاً عند المتصدق وهو كذلك ولو خالف ظنه بكثير (خ): وصحت في كل مملوك ينقل وإن كلباً ومجهولاً، ولابن القاسم في العتبية أن الجهل إن خالف الظن فله نقضها، وبه أفتى ابن هلال حسبما في العلمي وهو ضعيف. انظر الشامل وشرحه (إلا) إن تصدق (مع) تلبسه ب (مرض موت) فإنها تكون وصية منها ما حمله الثلث إن كانت لغير وارث وإلا توقفت على إجازة الورثة فإن أجازوها فهي ابتداء عطية تفتقر للحوز، ومفهومه أنه إذا لم يمت من ذلك المرض بل صح صحة بينة ثم مات فإن الصدقة تصح وتنفذ إن حيزت كانت على وارث أو غيره، ومراده بمرض الموت المرض المخوف الذي حكم أهل الطب بكثرة الموت به، وقد تقدم بيانه في الخلع. وأما غير المخوف كالأمراض المزمنة المتطاولة كالفالج وحمى الربع والجرب والسعال المزمن، فحكمه في ذلك كله كالصحيح، فإذا حيزت عنه في ذلك الوقت فإنها تصح لوارث وغيره بل المخوف فيه تفصيل فقد قال الرجراجي في مناهجه: والمرض المخوف المتطاول كالسل إذا طلقها فيه وأعقبه الموت قبل المطاولة فإنها ترثه على مذهب المدونة، ففهم منه أنه إذا لم يعقبه الموت إلا بعد المطاولة فإنها لا ترثه، والهبة كذلك فالخوف إن أعقبه الموت بالقرب بطلب وإلاَّ صحت نقله الملوي. وأما غير المخوف فمهما شهدوا بأن مرضه وقت الهبة كان غير مخوف وأنه مات بمرض حدث بعدها فهي صحيحة للوارث وغيره إن حازها هذا الحادث وما تقدم عن الرجراجي نحوه قول ابن لب في فتواه إذا كان الواهب ملتزماً للفراش واتصل حاله كذلك إلى أن توفي بعد ذلك بالأشهر اليسيرة فهبته لورثته باطلة إلخ. فمفهوم قوله: بالأشهر اليسيرة أنه مات بعد طول فالهبة صحيحة بشرطها الحوز والمرض الملزم للفراش وهو المخوف لأنه لا يتصرف معه، ولما قال في المدونة: من حبس في مرضه قال أبو الحسن: مراده المرض المخوف، وأما غيره فحكمه الصحيح، ونحوه في المتيطية قائلاً: إذا مرض الأب مرضاً متطاولاً فهو كالصحيح ويصح للابن قبض الحبس في ذلك الحال. اهـ. وبالجملة؛ فظاهر كلام الرجراجي وفتوى ابن لب وغيرهما أن المخوف المتطاول فيه التفصيل بين القرب والبعد، وأما غير المخوف فحكمه حكم الصحيح والمدار فيه على كونه غير مخوف، وأما الشهادة فإنه مات بمرض حدث بعده فلا يحتاج إليها على المذهب، إلا على قول ابن عرفة الذي يقول: إن غير المخوف إذا أعقبه الموت يصير مخوفاً، واعتمده ابن رحال في شرحه وهو مردود بأن المرض الخفيف لا يحصل منه الموت إلا بزيادته وبها صار مخوفاً فهو كمرض طرأ. وقد تقدم نحو هذا في باب الخلع، وفهم مما مر أنها لا تقبل فيه إلا شهادة الأطباء العارفين بالمخوف ومن غيره، ولا تقبل فيه شهادة غيرهم كما تقدم في قوله: ثم العيوب كلها لا تعتبر إلخ.
تنبيه:
لو كانت الصدقة على مجهولين محصورين مما يتوقع انقطاعهم كقوله: تصدقت على ولد فلان أو فلان وولده، فقيل عن مالك وغيره أنها حبس مؤبد ترجع الأحباس قاله البرزلي، وهي كثيرة الوقوع، وفي المتيطية: ولا يصلح أن يشترط المتصدق في صدقته إذا مات المتصدق عليه أن ترجع الصدقة إلى غيره من الأقارب أو الأجانب، فإن وقع ذلك نفذ ومضى كشرط اعتصارها وليس للمتصدق عليه بيعها إلا أن يموت الذي اشترط رجوعها إليه في حياة المتصدق عليه، فيكون له ذلك انتهى، وانظر ما يأتي في الوصية عند قوله: وصححت لولد الأولاد إلخ.
(وبالدين المحيط تعترض) وتبطل ولو بحدوثه فيما بين الهبة والحوز لأن حدوثه قبل الحوز مانع منه وكذا الحبس. (خ): وبطلت إن تأخر لدين محيط أي وللغرماء إجازة ذلك ورده، وإن كان الموهوب عبداً أو داراً مثلاً وزادت قيمته على الدين فإنه يباع والفضلة للواهب كما في الشامل وغيره. والحاصل أن الدين المستغرق إذا تحقق سبقه على العطية بطلت، وإن تحقق سبق العطية له صحت إن حيزت قبل الدين أو جهل الحال هل تقدمت حيازتها عليه أو تأخرت كانت لصغير أو غيره؟ وإن جهل السابق هل العطية أو الدين فإن حازها كبير أو أجنبي لصغير صحت وإن حازها له أبوه بطلت.
ولا رُجُوعَ بَعْدُ للمصدِّق ** وَمِلْكُهَا بغيرِ إرْثٍ اتُّقي

(ولا رجوع بعد) أي بعد تبتيلها لا رجوع فيها ولا اعتصار ولو قبل حيازتها (للمصدق) بإدغام التاء في الصاد لأن الصدقة لا تعتصر وهي لازمة بالقول على المشهور ويجبر على الحوز كما يأتي، وكذا الهبة والحبس. وعن مالك أنها لا تلزم بالقول وله الرجوع فيها ما لم تقبض وهو مذهب الشافعي، وتقدم في الحبس أنه لا يبطل بتأخير القول ولو سنين، وأحرى بتأخير الحوز حيث لم يحصل مانع من موت أو إحاطة دين، وتقدم في الرهن أنه لا يشترط التحويز فيها بخلاف الرهن. (وملكها) أي الصدقة (بغير إرث) من شراء أو قبولها بهبة ونحوها (اتقي) (خ): وكره تمليك صدقة بغير ميراث ولا يرقبها أو يأكل غلتها وينفق على أب افتقر منها، وقيل يحرم التملك المذكور لخبر: (العائد في صدقته كالكلب العائد في قيئه) ومفهوم الصدقة أن الهبة لا يكره فيها ذلك كما مرّ أول الباب، ومفهوم بغير إرث أن التمليك بإرث لا كراهة فيه لأنه جبري.
كَذَاكَ ما وُهِبَ لِلأَيْتَامِ ** والفُقراءِ وأُولِي الأرْحَامِ

(كذاك) لا رجوع في (ما وهب للأيتام والفقراء وأولي الأرحام) من عمة وخالة وابنة أخ وخال ونحو ذلك لأن الهبة في ذلك كله في معنى الصدقة فيكره تملكها بغير إرث ولا يصح اعتصارها كما يأتي في قوله:
وفقر موهوب له ما كانا ** المنع لاعتصاره قد بانا

وسيأتي أيضاً في قوله: والأم ما حيي أب تعتصر إلخ.
والأبُ حَوْزُهُ لما تُصُدِّقَا ** بِهِ عَلَى مَحْجُورِهِ لَنْ يُتَّقَى

(والأب) لو عبر بالولي ليشمل الوصي والمقدم (حوزه لما تصدقا به) أو وهبه (على محجوره) ولو بالغاً سفيهاً ذكراً كان أو أنثى، ولو تزوجت الأنثى والذكر (لن يتقى) بل يجوز ويصح ما داما سفيهين ولا يحتاج إلى الإشهاد، بأنه يحوز له بل يكفيه الإشهاد بالهبة والصدقة، ويحمل على أنه يحوز له إلا أن تكون دار سكناه فلابد من معاينة إخلائها كما مر قبل قوله: ونافذ تحبيس ما قد سكنه إلخ... فإن بلغ المحجور رشيداً أو رشد السفيه ولم يحز حتى مات المتصدق بطلب كما مر في المحل المذكور أيضاً.
ولِلْمُعَيِّنِينَ بالحَوْزِ تَصِحْ ** وجَبرُه مهْما أباهُ مُتَّضِحْ

(و) الصدقة أو الهبة (للمعينين) كزيد وعمرو وبكر أو فلان وعقبه (بالحوز) متعلق بقوله: (تصح وجبره) أي المتصدق وكذا الواهب على الحوز (مهما أياه متضح) بيِّن للزومها بالقول كما مر (خ): وحيز وإن بلا إذن وأجبر عليه، وقد مر ذلك عند قوله: والحوز شرط صحة التحبيس إلخ... وظاهره أنه يجبر ولو تصدق بجميع ماله وهو كذلك لقصده القربة ويترك له ما يترك للمفلس، وكذا يجبر لو قال: إن فعلت كذا فعبدي فلان أو عبدي ولا عبد له سواه حر، وحنث بخلاف ما لو قال: التزمت أن أعتق عبدي فلاناً الآن أو بعد شهر فإنه لا يجبر بالقضاء عليه، وظاهر النظم أيضاً كغيره أنها تصح بالحوز، ولو كان المتصدق أو الواهب غائباً لا يدرى حاله من موت أو فلس لأنه على الحياة والصحة، وهو اختيار ابن حبيب وقول ابن الماجشون كما في الفصل الرابع في تقسيم المدعى لهم من القسم الثاني من الكتاب الأول من التبصرة، وبه أفتى سيدي عمر الفاسي قائلاً: يكتفي في رجحانه اختيار ابن حبيب له، ووافقه على ذلك قاضي مكناسة الزيتون قائلاً: وهو الجاري على مذهب مالك في الحكم على الغائب، وتبعهما على ذلك غيرهما من المعاصرين مع علمهم باقتصار ابن سلمون على خلافه قاله أبو العباس الملوي رحمه الله.
وفي سِوى المعَيَّنينَ يُؤْمَرُ ** بالحوْزِ والخلْفُ أَتَى هل يُجْبَرُ

(و) الصدقة والهبة والحبس (في سوى) أي غير (المعينين) كالمرضى والفقراء وطلبة العلم ونحو ذلك مما ليس بمعين (يؤمر) المتصدق والواهب والمحبس (بالحوز) ودفعها للمتصدق والمحبس عليه والموهوب له (والخلف أتى هل يجبر) إن أبى من دفعها أو لا يجبر لكون الطالب غير معين وهو المعتمد، ومثله إذا تصدق أو وهب أو حبس بيمين ولو لمعين كقوله: إن فعلت كذا فداري صدقة أو حبس على الفقراء أو على زيد، أو قال: والله إن فعلت كذا لأتصدقن على الفقراء أو على زيد، أو إن فعلت كذا فعلي نذر، أو قال لزوجته: إن تزوجت عليك فلك ألف درهم، أو إن فعلت كذا فعلي عتق رقبة ولم يعينها فإنه لا يجبر على شيء من ذلك على المعتمد، ولو خالف وفعل المحلوف عليه لأنه لم يقصد القربة، وإنما قصد اللجاج والحرج كما لابن رشد، وإليه أشار (خ) بقوله: وإن قال: داري صدقة بيمين مطلقاً أو بغيرها ولم يعين لم يقض عليه، وإن قال: داري صدقة أو حبس على مسجد معين فهل يجبر نظراً لتعيين المسجد فهو كمن تصدق على رجل بعينه أو لا يجبر نظراً للمصلين؟ فيه وهم غير معينين وعليه الأكثر، وبه الحكم وعليه العمل كما في ابن ناجي قولان.
والجَبْرُ مَحتُومٌ بذِي تعَيُّنِ ** لِصِنْفِهِمْ مِنْ جِهَةِ المُعَيَّنِ

(و) لو تصدق بداره على زيد المعين ثم بعده على الفقراء مثلاً ثم مات زيد قبل حوزها وأحرى بعده وطلبها غير المعين ب (الجبر) على دفعها للفقراء وتحويزها لهم (محتوم) مقضى به وإنما قضى به مع كونهم غير معينين لأنه لما وجب القضاء (ب) سبب كونها أو لا على (ذي تعين) وهو زيد وجب القضاء أيضاً لهم تبعاً فقوله (لصنفهم) متعلق بالجبر وضميره لغير المعينين أي: فالجبر لصنف غير المعينين محتم واجب بسبب وقوعها أو لا على معين وانتقالها إليهم (من جهة) ذلك (المعين) قاله ابن الحاج وغيره.
ولِلأَبِ التَّقْدِيمُ للكَبِيرِ ** لِقَبْضِ ما يَخْتَصُّ بالصَّغيرِ

(وللأب) أو الوصي والمقدم فيما إذا وهبوا للكبير والصغير (التقديم للكبير) ولو سفيهاً أو لأجنبي (لقبض ما يختص بالصغير) فإن لم يقدموا أحداً لحوز ما يجب للصغير وحاز الكبير حصته فقط، أو لم يحز شيئاً حتى مات الواهب بطلت عند ابن القاسم وبه العمل كما مرَّ عند قوله:
والأب لا يقبض للصغير مع ** كبيره والحبس إرث إن وقع

وقيل: يصح نصيب الصغير في الهبة والصدقة خاصة لأن الأب يحوز له بخلاف الحبس لأنه لا ينقسم، وقولي: وحاز الكبير حصته فقط احترازاً مما إذا حاز حصته وحصة الصغير بغير تقديم فإنها تصح كما تقدم عن المجاصي عند قوله: والأخ للصغير حوزه وجب إلخ... وهذا أيضاً إذا لم يحز الصغير حصته مع الكبير والأصح أيضاً لقوله: ونافذ ما حازه الصغير إلخ..
وحوزُ حاضِرٍ لِغَائِبٍ إذا ** كانا شَرِيكيْنِ بِهَا قَدْ أُنفِذا

(وحوز حاضر لغائب إذا كانا شريكين بها) أي فيها أي في الصدقة والهبة، ومثلهما الحبس بأن تصدق أو حبس عليهما معاً وحازها الحاضر (قد أنفذا) حوزه وصح لهما، وظاهره وإن لم يوكله بل وإن لم يعلم الغائب بالهبة كما في المقرب عن ابن القاسم، وقال في الشامل: وهل يكفي حوز غيره له بغير إذنه كزوج حاز لزوجته هبة أبيها أو لا يكفي إلا بوكالتها؟ قولان. اهـ. وأصله في التوضيح، وعزى الأول لمطرف والثاني لأصبغ، ورواية ابن القاسم عن مالك وهو يقتضي رجحان الثاني لأن الأول وإن كان لمطرف وابن القاسم، لكن روايته عن الإمام تقدم عليه وهو ظاهر حيث أمكنه الحوز بنفسه أو التوكيل عليه، فإن لم يفعل وحاز شريكه الجميع وحصل المانع فإن حصة الحائز تصح دون غيره لتفريطه، وتقدمت الإشارة إليه عند قوله: وينفذ التحبيس في جميع ما. إلخ... وبهذا يفترق حوز الكبير حصة الصغير فإنه يصح الجميع دون الكبير يحوز حصة غيره بغير وكالة فإنه لا يصح لقدرته على التوكيل أو الحوز بنفسه فلم يفعل والله أعلم.
وما عَلَى البَتِّ لِشَخْصٍ عُيِّنا ** فَهْو له ومَنْ تَعدَّى ضَمِنا

(وما) موصول مبتدأ واقعة على الصدقة (على البت لشخص) يتعلقان بقوله (عينا) والمعنى أن ما عزله الشخص من ماله صدقة على مسكين سماه بلسانه أو نواه بقلبه، فإن بتله وأمضاه له بقول أو نية حازماً بذلك غير مترو فيه (فهو له) أي لذلك المسكين (ومن تعدى) من متصدق أو نائب عنه وأعطاه لغيره (ضمنا) ذلك للمبتل له حيث لم تكن قائمة بيد المعطى له ثانياً، وإلا ردت للأول كما في الشامل، وما ذكره الناظم به أفتى ابن رشد في نوازله ونقله ابن سلمون وغيره، والضمان ظاهر فيما إذا أعطاه نائب المتصدق بغير إذن المتصدق، وأما إن أعطاه هو أو نائبه بإذنه فإنما يتمشى على أحد قولي ابن القاسم فيمن وهب لثان وحاز إنها تكون للأول لأن الهبة تلزم بالقول فلم يهب الواهب للثاني إلا ما ملك غيره. قالوا: وهو القياس. أما على قوله الآخر وهو المعتمد من أنها تكون للثاني كما قال (خ): أو وهب لثان وحاز فإنه لا ضمان، وقال في الشامل: وقضى بها لثان حازها قبل الأول لا لأول على الأصح، ولا فرق بين أن يفرط الأول في حوزها أم لا مضى له زمان يمكنه في الحوز ولم يحز أم لا.
وغيْرُ ما يُبَتُّ إذْ يُعَيَّنُ ** رجُوعُهُ لِلْمِلْكِ لَيْسَ يُحْسُنُ

(وغير ما يبت) بالبناء للمفعول (إذ) ظرف (يعين) في محل جر بإضافة إذ والتقدير: وغير المبتل للمسكين وقت تعينه أي لم يبتل له بقول ولا نية، فالمسكين معين في هذه وفي التي قبلها، وإنما اختلفا في التبتيل وعدمه ففي التبتيل يضمن على ما قال الناظم إن أعطاه للغير، وفي عدمه لا ضمان عليه ولكن (رجوعه) في عدم التبتيل (للملك) أي لملك المتصدق (ليس يحسن) أي يكره وكذا يكره أن يعطيه للغير كراهة تنزيه فيهما.
وَلْلأَبِ القَبْضُ لما قَدْ وَهَبَا ** ولدَهُ الصَّغيرَ شَرْعاً وجَبَا

(وللأب) يتعلق بوجب آخر البيت (القبض) مبتدأ (لما وقد وهبا) يتعلق به (ولده) مفعول بوهب (الصغير) نعت له (شرعاً) منصوب على إسقاط الخافض (وجبا) خبره، والتقدير: والقبض للصدقة التي وهبها لولده الصغير واجب للأب بالشرع، والضمير في قوله: ولده حينئذ عائد على متأخر معنى لا لفظاً والمضر هو عوده على متأخر لفظاً ومعنى، وهذا البيت مستغنى عنه بقوله: والأب حوزه لما تصدقا. إلخ... وإنما أعاده ليرتب عليه قوله:
إلاّ الَّذِي يَهَبُ مِنَ نَقْدَيْهِ ** فَشَرْطُهُ الخروجُ مِنْ يَدَيْهِ

(إلا الذي يهب) الحاجر أباً أو غيره لمحجوره (من نقديه) الذهب والفضة ومثلهما كل ما لا يعرف بعينه من المثليات من مكيل أو موزون أو معدود (فشرطه) أي شرط صحته (الخروج من يديه) ويدفعه.
إلى أمِينٍ وعن الأَمِينِ ** يُغْنِي اشْتِرَاءُ هَبْه بَعْدِ حِينِ

(إلى أمين) بحوزه بمعاينة البينة ولا يكفي بغير المعاينة ولا حوز الحاجر لمحجوره في شيء من ذلك، ولو ختم عليه بخلاف العروض والأصول فيكفي وهو ما قبل الاستثناء (خ): إلا ما لا يعرف بعينه ولو ختم. قال في المتيطية: ومن تصدق على ولده الصغير في صحته بدنانير أو دراهم فليدفعها بعده لمن يحوزها عنه بمعاينة بينة. قال ابن زرب: فإن لم تعاين البينة الحوز فهي باطلة، وإن جعلها الأب في صرة وختم عليها بمحضر بينة وحازها له فوجدت بعد موته على حالها فلا يجوز ذلك على رواية ابن القاسم عن مالك، وبه الحكم وعليه العمل ثم قال: وحكم الطعام وما لا يعرف بعينه حكم العين. اهـ. ابن عرفة: وفي السماع لو تصدق على ابنه بعبد موصوف في ذمة رجل صح. قبضه الأب أو لم يقبضه ولو تصدق عليه بدنانير في ذمة رجل ومات الأب وهي في ذمة الرجل صحت لأنها قد حيزت بكونها على الغريم، وكذا لو تصدق عليه بدنانير ووضعها على يد غيره، ثم أخذها منه لسفره أو بعد موته لأنها قد حيزت كالدار يحوزها عنه السنتين والسنة ثم يسكنها ويموت فيها فصدقته ماضية. اهـ.
تنبيه:
قال ابن رشد فيمن وهب لابنته الصغيرة ما في داخل تابوته المقفول عليه وأشهد على ذلك عدولاً دون أن يعاينوا ما فيه ثم مات ويوجد فيه الحلى والثياب: أنه لا شيء لها من ذلك إلا أن يكون دفع مفاتيح القفل إلى الشهود عند الإشهاد وعاينوه مقفولاً عليه ويوجد بعد موت الواهب على ذلك فيصح حينئذ للابنة ما وجد داخله. اهـ. انظر شرحنا للشامل ففيه زيادة فوائد.
(وعن الأمين يغني اشتراء هبه) أي الاشتراء وقع (بعد حين) من هبة العين ونحوها يعني أن محل دفع العين الموهوبة ونحوها للأمين إذا لم يقع بها اشتراء، وأما إذا اشترى الأب ونحوه ملكاً لمحجوره بمال زعم أنه من مال ولده، وأنه لا يعلم للابن مال فإن ذلك صحيح للابن، ولو كان الأب يعتمده لنفسه حتى مات على الصحيح المعمول به لأنه من باب الإقرار بالثمن في الصحة التي لا تلحقه في تهمة ولا توبيخ قاله في الاستغناء. وكذا لو اشترى داراً مثلاً وأشهد أنه اشتراها لابنه، ولم يذكر أن ذلك من مال الابن فإن ذلك صحيح أيضاً، ويحمل على أنه اشتراها له بمال وهبه إياه، ولا يحتاج إلى أن يحوزه له لأنه بنفس الشراء كان ملكاً للابن فلم يتقرر للأب عليه ملك حتى يحتاج للحوز والثمن قد حيز بنفس الشراء قاله في المقصد المحمود وغيره. وإذا كان هذا في الصغير فأحرى الرشيد كما يدل له التعليل، وهذا إذا اشترى له ملك غيره، وأما إن وهب له ناضاً أو ما لا يعرف بعينه ثم باع منه ملكاً لنفسه، فإنه إذا لم يكن بين البيع والهبة فسحة كالسنة ونحوها فإن ذلك باطل لأنه لما قرب اتهم أنه أراد هبة الأصل وجعل الناض جنة لسقوط الحيازة، وإن كان بين البيع والهبة فسحة وأخرج الناض ونحوه من يده لمن يحوزه سنة ثم باع منه ملكاً فإنه يصح لانتفاء التهمة قاله في واسطة الدرر، ونحوه في المقصد المحمود والورقة السابعة والعشرين من معاوضات المعيار.
وإن يَكُنْ موضِعَ سُكْنَاهُ يَهَبْ ** فَإنّ الإِخلاء لهُ حُكْمٌ وَجَبْ

(وإن يكن) الأب ونحوه (موضع سكناه يهب) لمحجوره ولو بالغاً وعبداً (فإن الإخلاء له) أي لموضع سكناه (حكم وجب) لابد منه، وظاهره أنه محمول على أنه كان يسكنها لنفسه حتى يثبت إخلاؤه لها وأنه لم يكن قبل وفاته يسكنها لا يشغلها بأمتعته، وهو كذلك بخلاف غير دار السكنى فإنه محمول على أنه كان يستغلها لصغار بنيه قاله ابن رشد، ونقله البرزلي وغيره، وتقدم قول الناظم في الحبس:
ومن يحبس دار سكناه فلا ** يصح إلا أن يعاين الخلا

راجع ما تقدم هناك (خ) عاطفاً على ما لا يصح قبضه لمحجوره ما نصه: ودار سكناه إلا أن يسكن أقلها ويكرى له الأكثر وإن سكن النصف بطل فقط، والأكثر بطل الجميع إلخ. وهذا في الصغار. وأما الكبار الرشداء فيصح لهم ما حازوه ولو قل، وهذا في دار السكنى، وأم غيرها من العقار والعروض على محاجيره فيكفيه الإشهاد كما مرَّ ولكن لابد من إخلائه من شواغله أيضاً فإن ثبت بالبينة أنه لم يخله من شواغله فيكون بمنزلة من رجع إليه قبل عام فيجري على ما تقدم في الحبس، وراجع ما مر عند قوله فيجب النص على الثمار إلخ... وظاهر النظم كغيره أنه لابد من معاينة الإخلاء ولو تصدق بما فيها من الأمتعة والأثاث وهو كذلك خلافاً لابن الطلاع في إجازته ذلك قائلاً لأنه بسكناه فيها حينئذ صار كالقابض لابنه. ولما ذكر ابن عرفة في كتاب الهبة ما أجازه ابن الطلاع قال ما نصه: ظاهر الروايات بطلان الصدقة لأنه قادر على أن يخرج ما في الدار لينظر فيه.
تنبيهان:
الأول: تقدم في الحبس أن صرف المحبس الغلة لنفسه يبطلها، وكذلك الهبة والصدقة لأنها من باب واحد كما للفاسي في نوازله، ونقلنا على ذلك أنقالاً في الحبس والهبة من الشامل، ورجح الشيخ الرهوني أن صرف الأب الغلة في مصالح نفسه لا يبطلها، ونقل على ذلك أنقالاً وهي كلها حجة عليه لمن تأملها من ذلك ما نقله عن ابن لب من أنه إذا صرف الغلة لنفسه فالمشهور بطلانها والصحيح صحتها. اهـ. فقال: أعني الرهوني عقبه، وقد علمت أن مقابل الصحيح فاسد فيكون المشهور فاسداً على قوله. وقد تقدم عن ابن فرحون عند قول الناظم أول الكتاب: مع كونه الحديث للفقه جمع إلخ... ما يرد احتجاجه، وأيضاً فهو حينئذ يحتج على الشخص بمذهب مثله وهو لا يقوله أحد، وإنما مراد ابن لب أن الصحيح من جهة المعنى فهو كقول ابن العطار وغيره لولا اجتماع الشيوخ على بطلانها بصرف الغلة لنفسه لكان القياس أن لا يكون تعدي الأب على الغلة نقضاً للحبس، لكن جرت الفتيا وعمل القضاة ببطلانه ورأوا أنه كسكنى الدار ولبس الثياب التي حبس. اهـ. ونقله في المتيطية وغيرها وقال في هبات المعيار: إن صرف الواهب الغلة لنفسه فإن ذلك يمنع الحوز الحكمي ويأباه على المشهور المعمول به. اهـ. ومنها بحثه في كون الغلة يثبت صرفها لنفسه بإقرار الواهب أو المحبس مع أنه نقله عن أبي الحسن وسلمه في الدر النثير وغيره. وبالجملة، فإن أبحاثه لا تسلم وعلى تسليمها فإنها لا تدفع الفقه، وانظر قول ابن العطار وغيره: لولا اجتماع الشيوخ إلخ... فلم يعتمدوا في ذلك أبحاثهم ولا قياساتهم. ومنها قوله: وما أدري ما مستند المتيطي ومن تبعه في تشهير البطلان بصرف الغلة لنفسه إلخ... فإنه لو لم يكن للمتيطي مستند إلا قول ابن العطار وغيره: لولا اجتماع الشيوخ إلخ... لكان كافياً في مستنده، فكيف وقد قاله غير واحد ممن لا يحصى وأما ما نقله عن القلشاني من أن ابن عرفة أفتى بصحة الحبس مع صرف المحبس الغلة لنفسه فذلك اختيار منه لمقابل المشهور المعمول به فلا يتابع عليه، وإن ثبت عنه ولا تكون فتواه حجة على المشهور المعمول به لما مر من أن مذهب الشخص ومختاره لا يكون حجة على غيره، والناس كلهم يقولون: احكم علينا بالمشهور أو المعمول به، وتقدم أول الكتاب أن الحكم بخلاف ذلك ينقض كما قاله ابن عرفة وغيره، ففتوى ابن عرفة المتقدمة: لو حكم حاكم بها لوجب نقض حكمه، وهكذا شأن هذا الشيخ رحمة الله يعتمد في كثير من اعتراضاته على أبحاثه التي تظهر له وكثيرها لا يسلم وعلى تسليمها لا تدفع الفقه لقول (ح) وغيره المعتمد في كل نازلة على ما هو المنصوص فيها، ولا يعتمد على القياس والتخريج والله أعلم.
الثاني: إذا وهب لمحجوره دوراً متعددة صفقة واحدة فإن حكم ذلك حكم الدار الواحدة، فإن سكن واحدة منها وهي الأقل وأكرى الباقي له صح الجميع، وإن سكن الأكثر بطل الجميع، وإن سكن النصف بطل ما سكن، فإن كان ذلك في عقود متعددة فإنما يبطل من ذلك ما سكن كان الأقل أو الأكثر، وكذلك لو كانت أشياء مختلفة من دور وأجنات وفدادين، فما كان في صفقة واحدة يجري على تفصيله، وما كان في صفقات فإنه يبطل ما عمره فقط كما لأبي الحسن. قال ابن القاسم: فإن تصديق على رشيد بدور متعددة أو دار واحدة، فإن سكن الأب كثيراً بطل ما سكن فقط وصح ما حيز عنه قلَّ أو كثر، وإن سكن الأب قليلاً صح الجميع. أبو الحسن: ظاهره أن الرشيد إذا حاز اليسير صح ذلك له بلا خلاف، وظاهر عياض وجود الخلاف فيه.
ومَنْ يَصِحُّ قَبْضُهُ وما قَبَضْ ** مُعْطاهُ مُطْلَقاً لتفْرِيطٍ عَرَضْ

(ومن يصح قبضه) للهبة ونحوها وهو الكبير الرشيد قريباً كان أجنبياً (وما قبض معطاه مطلقاً) كان المعطي أصلاً أو غيره وكان تركه للقبض (لتفريط) منه (عرض) له.
يَبْطُلُ حَقُّهُ بِلا خِلاَفٍ ** إن فَاتَهُ في ذلك التّلاَفِي

(يبطل حقه بلا خلاف إن فاته في ذلك التلافي) بأن مات المعطي أو فلس أو أحاط به الدين أو استهلك الهبة أو وهبها لثان وحازها الثاني على ما مرّ قريباً عن (خ) وكذا لو فرط حتى باعها الواهب بعد علمه بها، ولكن يكون له الثمن على الراجح من إحدى الروايتين فإن لم يعلم أو علم ولم يفرط في حيازتها فهو بالخيار في نقض البيع أو إمضائه وأخذ الثمن، وهو محمول عند الجهل على التفريط حتى يثبت عدم تفريطه كما في ابن عرفة عن ابن حارث، ومحل الخيار إذا كان الواهب حياً، وأما إن مات فلا شيء للموهوب له بيعت أو لم تبع كما في المدونة، وبه العمل كما في ابن سلمون والمفيد. وسئل ابن القاسم عمن قال: ثلث غنمي هذه صدقة على ابني وثلثها في السبيل ثم باعها ومات وابنه صغير؟ فقال: صدقة الابن ثابتة يأخذها من تركته لأنه الحائز له ولا شيء لأهل السبيل لأنه لم يخرجه من يده. اهـ. وظاهره أن بيعها لا يكون اعتصاراً وهو كذلك كما يأتي في فصله، وانظر شرح الشامل فيما إذا وهبه ثم رهنه فإن الهبة تصح ويبطل الرهن إلا أن يموت قبل أن يحوزها الموهوب له فتبطل الهبة علم بها أو لم يعلم، ومفهوم التفريط أنه إذا لم يفرط كاشتغاله بتزكية شهود الهبة أو إقامة ثان لم تبطل. (خ): وصح إن قبض ليتروى أوجد فيه أو في تزكية شاهده إلخ. وليس من عدم التفريط موت الواهب قبل علم الموهوب بل الهبة باطلة على المشهور كما لابن رشد خلافاً لما صححه في الشامل، وأما إن مات الموهوب قبل علمه والواهب حي لم يقم به مانع، فإن الهبة صحيحة ويتنزل وارثه منزلته إلا أن يكون الواهب قصد عين الموهوب له فلا شيء لورثته حينئذ، وكذا لو مات الموهوب له بعد علمه وقبل الحيازة فإن ورثته يحوزونها كما تقدم لابن رشد. وتقدم أول باب الحبس أن القبول لا تشترط فوريته.
تنبيهات:
الأول: إذا وهب شخص أرضاً أو داراً واستثنى غلة ذلك سنين إلا أنه حوزه الرقبة ثم مات الواهب، فإن الهبة لا تبطل على ما به العمل ونظمه في العمل المطلق، وانظر ما تقدم عند قوله:
ويجب النص على الثمار ** حيث يكون الحبس للصغار

وتقدمت كيفية الحوز في الحبس.
الثاني: من الهبات الباطلة هبات بنات القبائل والأخوات لقرابتهن كما في نظم العمل وشرحه ونوازل العلمي والمعيار والدر النثير، وقد أجبت على ذلك بجواب طويل أثبته في نوازل الحجر من نوازلنا فعليك به، ومن الهبة الباطلة أيضاً هبات الهرم من الرجال والنساء كما في العلمي وغيره، والقول قولهما إنهما وهبا ليقوم الموهوب له بنفقتهما ومؤنتهما فيكون من أفراد قول (خ): وكبيعه بالنفقة عليه حياته، ومعلوم أن الإنسان مصدق في الوجه الذي أخرج به ماله عن ملكه كما قال أيضاً: والقول له إنه لم ينفق حسبة وقال: إلا أن تهبه على دوام العشرة، وأما الجهل بقدر الموهوب فلا يبطلها كما مر أول الباب.
الثالث: قال ابن رشد: إن تصدق على ابنه الصغير بدار سكناه ثم باعها قبل أن يرحل منها فإن الثمن يكون للابن، وإن مات الأب في الدار لأنها للمتشري لا لابنه إلا أن يكون باعها لنفسه استرجاعاً للصدقة فلم يعثر على ذلك حتى مات فإن الصدقة تبطل، ولو عثر على ذلك في حياته وصحته لفسخ البيع وردت الدار لولده، ولو باعها بعد أن رحل منها وحازها لابنه لجاز البيع على الابن وكان له الثمن من مال أبيه حياً كان أو ميتاً، وإن لم ينص على أنه باع لابنه إلا أن يبيع نصاً استرجاعاً لصدقته فبيعه مردود إلى الولد حياً كان أو ميتاً والثمن للمشتري في مال الأب بخلاف ما لو حبسها ثم باعها قبل أن يرحل منها ولم يعثر على ذلك حتى مرض أو مات، ولو عثر على ذلك في صحته لفسخ البيع وصح الحبس بالحيازة. اهـ. بنقل البرزلي قائلاً انظره في رسم أوصى.